أكثر الكلمات انتشاراً

إعلان

الإسعافات الأولية تنقذ الحياة.. لماذا تغيب هذه الثقافة في مصر؟

04:23 م الأحد 09 سبتمبر 2018
الإسعافات الأولية تنقذ الحياة.. لماذا تغيب هذه الثقافة في مصر؟

كتب- أسماء أبو بكر وأميرة عبد الرازق

فيما كان الصحفي بجريدة الأخبار عبد السميع محمد، يستقل "مترو الأنفاق" متوجها إلى عمله في منطقة وسط البلد، سقطت سيدة تجاوزت العقد الرابع من العمر، فشك في كونها تعاني من قلة أو ارتفاع نسبة السكر في الدم، وطلب على الفور من الركاب قطعة حلوى ليعطيها للسيدة، وسط تحذيرات البعض من أنه قد يتسبب في وفاتها.

في حال تعرض شخص يعاني من مرض السكري للإغماء ولا تعرف ما إن كان ذلك بسبب قلة أو ارتفاع نسبة السكر في الدم، يوصي الأطباء بإعطاء المريض شرابا سكريا أو عصيرا أو قطعة حلوى.. هذا ما عرفه محمد، خلال دورة الإسعافات الأولية التي حصل عليها في وقت سابق؛ فإذا كان السكر لدى فاقد الوعي مرتفعا لن يفيق من الغيبوبة وسيظل السكر مرتفعا، أما إذا كان نسبة السكر قليلة في الدم، فسترتفع وبالتالي سوف يفيق المريض من الغيبوبة وهو ما حدث مع سيدة المترو التي أسعفها الصحفي بجريدة الأخبار.

ثقافة الإسعافات الأولية ليست موجودة في مصر حتى الآن، لأن المجهودات التي تُبذل من أجل نشرها لا تزال غير كافية، حسبما يرى الدكتور محي المصري، أستاذ السموم الإكلينيكية بكلية الطب جامعة عين شمس، الذى أكد أن نشر هذه الثقافة يساعد في إنقاذ حياة الكثيرين، لأن الدقائق الأولى من الإصابة هى الأكثر خطورة وبالتالي عمل الإسعافات الأولية يُنقذ حياة المريض.

في المنزل أو مقر العمل أو الشارع قد نجد أنفسنا فجأة في موقف خارج عن السيطرة، ويستدعي تدخلنا لمساعدة الآخرين، مثل حوادث الطرق أو الإصابة بحالة طبية مفاجئة كابتلاع شيء خطير خصوصا للأطفال أو الإصابة بالأزمة القلبية أو السكتة الدماغية أو حالات الإغماء عامة، وهنا يصبح الشخص الذي لديه معرفة أساسية بالإسعافات الأولية ذو أهمية قصوى في مساعدة هؤلاء المصابين حتى وصول سيارة الإسعاف، فمجرد المعرفة بأساسيات الإسعافات الأولية تنقذ حياة الكثيرين، بحسب موقع «First Aid».

ولهذا يشدد أستاذ السموم الإكلينيكية بـ"طب عين شمس" على ضرورة نشر ثقافة الإسعافات الأولية في المدارس والجامعات وأماكن العمل، وبين الحرفيين خاصة، لأنهم أكثر عُرضة لإصابات العمل، لذلك لا بد من أن تشملهم التوعية.

هل هناك خطوات لنشر ثقافة الإسعافات الأولية في مصر؟

قال الدكتور محي المصري، أستاذ السموم الإكلينيكية بـ"طب عين شمي" إن وزارة الصحة وبعض الجامعات كجامعة عين شمس والقاهرة سبق لهم تنظيم دورات تدريبية حول الإسعافات الأولية، لكن المشكلة تكمن في عدم عقدها بصفة دورية، مشيرا إلى أن نشر هذه الثقافة يتطلب وضع برنامج زمني بحيث يتم عقد الدورات التدريبية بصفة دورية ومستمرة (كل شهر لمدة 3 أو 5 أيام مثلا)، على أن تشمل التوعية نزول مناطق مختلفة على مستوى الجمهورية وليس في القاهرة فقط.

أضاف المصري أنه لا بد من عقد دورات تدريبية هدفها إعداد مدربين أخرين في مجال الإسعافات الأولية (تدريب المدربين)، لأن ذلك يساعد على انتشارها بدرجة أكبر ويضمن وصولها للمحافظات والمراكز المختلفة، على أن يكون ذلك بالتعاون مع وزارة الصحة والتعليم العالي والتربية والتعليم والجهات المعنية المختلفة، وشدد أيضا على ضرورة التنسيق أيضا بين وزارة الصحة والجهات المسؤولة عن وسائل الإعلام، لتقديم برامج أو فقرات تليفزيونية حول الإسعافات الأولية للحالات المختلفة، بهدف توعية الناس بها.

ومن الممكن إضافة الإسعافات الأولية للمناهج الدراسية في المرحلة الثانوية خاصة، وفقا لما اقترحه المصري، الذي رأى أن ذلك يساعد في تطبيق ما يتم تدريسه عمليا فضلا عن أنه يسهم في نشر ثقافة الإسعافات الأولية ويُمكن الطالب في الوقت نفسه من إنقاذ حياة أي شخص من المحيطين به تعرض لإصابة ما.

واتفق الدكتور عاطف دنيا، أستاذ طب الأطفال وحديثي الولادة بكلية الطب جامعة الأزهر، على ضرورة نشر ثقافة الإسعافات الأولية بين طلبة المدارس والمعلمين، وشدد على ضرورة وجود تعاون بين وزارة الصحة والتربية والتعليم لعقد دورات تدريبية عن الإسعافات الأولية للطلاب والمعلمين.

مجرد مبادرات

لا يوجد أي خطط عامة وكبيرة لنشر ثقافة الإسعافات الأولية بين المواطنين، والأمر قاصر على مبادرات صغيرة لفترات قصيرة لا تساعد على نشر هذه الثقافة بين قطاع كبير من الناس.

بحسب الدكتور عاطف دنيا، فإن الجمعية المصرية لطب الأطفال قدمت دورات تدريبية حول الإسعافات الأولية حضرها عدد من المعلمين في المدارس.

التعاون بين الجمعية المصرية لطب الأطفال ووزارة التربية والتعليم وفق ما قال أستاذ طب الأطفال بـ"طب الأزهر" كان هدفه تقديم دورات عن الاسعافات الأولية للمدرسين، حتى يتمكنوا من التعامل مع الحالات المرضية أو الإصابات المختلفة التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال في المدارس كالطفل المصاب بالسكر مثلا أو التعامل مع الجروح السطحية في حالة سقوط الطالب وغيره، ولكن يبدو أن هذه المبادرة غير كافية لهذا طالب "دنيا" بأن يكون هناك تعاون بين وزارة الصحة والتربية والتعليم وأن تُضاف أساسيات الإسعافات الأولية في مناهج العلوم أو الأحياء، وتحديدا في المرحلة الإعدادية والثانوية، حتى يكون الطلبة على دراية بها.

ما الهدف من تعلم الإسعافات الأولية؟

تقديم المساعدة للمصابين والمرضى المتمثلة في الإسعافات الأولية هدفها الحفاظ على حياة المصاب، وتحاشي تدهور حالة المصاب.

والإسعافات الأولية تفعل أكثر من إنقاذ الحياة، فهي تقلل من مدة تعافي الشخص المصاب، كما تصنع الفرق بيت الشخص الذي يعاني إعاقة مؤقتة أو طويلة الأمد، ففي حالات كثيرة تمنع الإسعافات الأولية حالة المصاب من التدهور أكثر. وتشير إحصائية لجمعية الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدولية، إنه يجرى إنقاذ 90% من المصابين في حالات الطوارئ بفضل الأشخاص الذين يجيدون الإسعافات الأولية.

ولا يشترط إتقانك للإسعافات الأولية أن تحمل حقيبة طبية معك دائما في كل موقف، فالهدف من تعلم الإسعافات الأولية هو معرفة كيف تستخدم ابسط الأدوات المتاحة في هذا الموقف أو ذاك لإسعاف المريض؛ فقد لا تحتاج الكثير من الحالات الذهاب إلى المستشفى، لكن هذا لا يعني أنها لا تسبب الكثير من الألم للمصابين، فمثلا إذا أصيب طفل بكدمة في الذراع، أو كان مصابا بالحمى يصبح دور المسعف هنا هو توفير الراحة والعلاج لهذا الطفل، دون حاجته إلى الانتقال للمستشفى، بحسب موقع «Emergency First Response».

للإطلاع على موضوعات "الكونسلتو" الخاصة بالإسعافات الأولية: أضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

صحتك النفسية والجنسية