أكثر الكلمات انتشاراً

إعلان

عروس مع الإيقاف.. ما فعلته خرافات الأهل بحياة بناتهن الجنسية

02:28 م الثلاثاء 01 يناير 2019
عروس مع الإيقاف.. ما فعلته خرافات الأهل بحياة بناتهن الجنسية

تأثير الخرافات على الحياة الجنسية

كتبت: ندى سامي

في ليلة الحنة بينما تتراقص "هنا" مع رفيقاتها انتزعتها خالتها للحديث معها على انفراد، بين غمز الفتيات وهمس الحديث تركت العروس الجمع الحافل دقائق معدودة لتعود بعدها بعيون ممتلئة بالدموع وحمرة وجنتيها تفضح توترها، انطفأت فرحتها وزادت مخاوفها من الحياة الجديدة التي كانت تستقبلها بالغناء والرقص.. "هنا" واحدة من كثيرات لم تنعم بحياة جنسية سليمة بسبب المعلومات والأفكار الخاطئة التي يبثها الأهل لبناتهن في غياب الثقافة الجنسية.

كثير من الدماء

معلومات "هنا" عن الجنس كانت تقتصر على ما حصلت عليه في حصة العلوم بالصف الثالث الإعدادي، ومن ثم حديث خافت بين الصديقات من حين لآخر، ولكن حديث خالتها المرعب كما وصفته، جعلها ترهب العلاقة الجنسية وتكره حدوثها حتى بعد أكثر من عامين من الزواج وطفل صغير، لا زالت تتذكر كلماتها عن النزيف الشديد الذي ستتعرض له بعد إتمام الزواج والذي قد يستدعي الذهاب للمستشفى كما حدث مع إحدى جاراتها.

لم تفصح "هنا" لشريكها عن مخاوفها التي خطفت النوم من عينيها برغم الإرهاق وظلت مستيقظة طوال الليل تطارد الأفكار وتكبح مخاوفها في الليلة الأخيرة لها في بيت أبيها.. لم تتعرض صاحبة الـ 22 عاما لنزيف شديد كما قيل لها، وبالرغم من ذلك كونت حاجزا بينها وبين تلك العلاقة، وحاول زوجها مساعدتها لحل المشكلة مرارًا ولكنها لم تشعر أبدا  بالرغبة في العلاقة وتحولت حياتها الجنسية لروتين وعلاقة واجب يمر بثقل عليها.

توصلت دراسة نشرتها مجلة بي إم جية البريطانية، عن الاتجاهات الجنسية وأسلوب الحياة إلى أن الأشخاص الذين يتحدثون عن الجنس مع شركائهم أقل عرضة لفقدان الرغبة الجنسية، وتشير الدراسة إلى أن سوء الحالة الصحية وفقد القرب العاطفي والخوف من الجنس يسبب فقد الرغبة لدى النساء أكثر من الرجال بنسبة 20%.

غشاء البكارة بريء من النزيف

يقول الدكتور حسام الشنوفي أستاذ مساعد النساء والتوليد بقصر العيني، إن النزيف الذي يحدث لا يكون مصدره غشاء البكارة كما هو شائع، بل يحدث النزيف بسبب جرح في جدار المهبل يتسبب في نزول الدماء لاحتوائه على غشاء رقيق غني بالأوعية الدموية.

ويضيف الشنوفي، أن نزول الدماء قد يستمر في الفترة الأولى من ممارسة العلاقة الزوجية ولكن بصورة طفيفة، ولا يحدث نزيف بصورة كبيرة إلا في حالات قليلة من النساء وقد يرجع إلى العنف من قبل الزوج، وقد يحدث لدى أخريات نزول طفيف للدماء ويكون غير مرئي، ولا علاقة لغشاء البكارة بالنزيف أو كثرة نزول الدماء.

الخوف من الألم

هند صاحبة الـ 22 ربيعًا أخذتها فكرة الألم التي ستتعرض له أثناء العلاقة إلى حدوث تشنجات أفسدت عليها فرحة الزفاف، لم تكن والدتها تتحدث معها عن الأمور الجنسية معللة ذلك "أنت عارفة وفاهمة كل حاجة" ولكن الحقيقة أنها لم تكن تعرف سوى بعض التجارب السابقة لرفيقاتها ولم يكن ذلك كافيًا على الإطلاق، خاصة بعد أن أخبرتها إحداهن أنها ستتعرض لألم شديد غير محتمل ونصحتها باستخدام بنج موضعي لتجنب الشعور بالألم.

سمعت العروس نصيحة رفيقتها واستخدمت بنج ومسكن، ولكن ذلك لم يبدد مخاوفها، بل وأصيبت بتشنجات مهبلية أفسدت إتمام العلاقة لمدة أسبوع كامل بعد الزواج، بعد حدوث تلك التشنجات في المرة الأولى زادها الأمر توترًا، وتيقنت من صعوبته.. قررت أن تستعين بوالدتها التي لم تهدئ من روعها بل زادت من قلقها بعد أن تطرق الأمر للحديث عن الحسد والعين التي أفسدت فرحة الزفاف.

كشفت دراسة نشرتها مجلة أمراض النساء والتوليد العالمية أن واحدة من كل 10 سيدات تعاني من آلام أثناء العلاقة الجنسية، وأشارت الدراسة إلى أن النساء اللواتي تجاوز عمرهن 50 عاما يواجهن آلاما أثناء ممارسة الجنس، يليها الفئة التي أعمارها بين 16-24 عاما.

وأوضحت أن الحالة الطبية المعروفة بعسر الجماع أمر شائع لدى النساء في الأعمار كافة، لكن كثير من النساء تتجنب الحديث للأطباء عن هذا الألم باعتباره أمرا محرجا لهن، وأشارت الدراسة إلى أن الألم أثناء ممارسة الجنس يرتبط بعوامل عدة مثل جفاف المهبل والشعور بالقلق أثناء ممارسة الجنس.

التجربة السيئة التي مرت بها هند تركت بنفسها شعورا سلبيا تجاه العلاقة الزوجية، وتركتها فريسة للخرافات وتناقل الخبرات.. تأخر الحمل زاد الأمر سوءًا حيث أصبحت علاقتها بشريكها مرتبطة  بالسعي للإنجاب وتتم وفق جدول محدد وضعه الطبيب لأيام بل وأوقات محددة لإتمام العلاقة الحميمة لزيادة فرص الإنجاب.

أوضح أستاذ مساعد طب النساء والتوليد، أن الخوف والتوتر من العلاقة الزوجية قد يتسبب في حدوث تشنجات مهبلية، بالإضافة إلى انعدام خبرة الزوج وصعوبة الولوج في المرة الأولى ما قد يزيد من الشعور بالألم فتحدث التشنجات.

ويشير الشنوفي، إلى أن الخبرات السيئة التي تتعرض لها بعض الفتيات كالاعتداء الجنسي أو الختان، بالإضافة للخرافات الشائعة حول العلاقة الجنسية وصعوبتها والنزيف والألم الذي تتسبب فيه يزيد الرهبة من العلاقة الزوجية ويزيد الشعور بالألم ويسبب حدوث تشنجات في منطقة المهبل قد تستمر لمدة طويلة.

أشار أستاذ مساعد النساء والتوليد، إلى أن العلاجات الطبية قد تسهل من العلاقة ولكن الهدوء النفسي هو الحل لتخفيف التشنجات والألم، كما يمكن للسيدة التي تعاني من تلك المشكلة التحدث مع طبيب النساء لتصحيح المعلومات الجنسية المغلوطة، وتعليمها طرق لزيادة استرخاء عضلات الحوض قبل العلاقة، وقد تحتاج بعض الحالات لتدخل الطبيب النفسي للتقليل من حدة التوتر وكسر حاجز الخوف والقلق.

الرغبة حكر على الرجال

الوصايا العشر التي تلقتها سهام من والدتها قبيل فرحها بأيام كانت سببا كافيا لتنفر من العلاقة الزوجية وتبتعد عن شريكها.. أهم بند حفظته عن ظهر قلب "اوعي في يوم تقولي لجوزك لا.. أو تعبانة أو مش قادرة"، وتبعها كثير من الحديث حول غضب الله وسخطه وابتعاد زوجها عنها وتفكيره بالزواج من أخرى تشبع له احتياجاته، ووقتها لن يستطيع أحد لومه.

أصيبت سهام، بوعكة صحية شديدة بعد الزواج بشهرين وأصبحت العلاقة ترهقها بشدة وتزيد من شعورها بالألم، ولكنها التزمت وصية أمها ولم تفصح عن ذلك لزوجها، وبعد أن ألفت القرب منه في أول شهرين بدأت تبغض تلك الأوقات الحميمية التي تجمعهما، ورغم تحسن حالتها الصحية إلا أنها لم تستطع العودة لطبيعتها الأولى "حسيت إني مش ملك نفسي.. ومش من حقي حتى أتعب أو ميكونش عندي رغبة".

الاغتصاب الزوجي مفهوم مؤذي ولكنه مقبول من كثيرات باعتباره حق مكتسب للزوج، وما يزيد الأمر صعوبة هو نقل الأهل لبناتهن تلك المفاهيم الخاطئة عن حق الزوج المطلق في الاستمتاع بالعلاقة بغض النظر عن حالتها ورغبتها، ما يسبب لهن العزوف والنفور من تلك العلاقة.

 كشفت دراسة أجراها مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، بعنوان "لا حماية لأحد.. دراسة حول العنف الأسري"، أن قضية العنف الأسري ضد النساء من الظواهر المتفشية في مصر منذ وقت طويل، وكشفت أن 10% من المصريات يتعرضن للاغتصاب الزوجي، فيما تتعرض 45.6% من النساء لعنف من قبل الزوج، و35.1 % يتعرضن لعنف نفسي.

وأشارت الدراسة إلى غموض مصطلح الاغتصاب الزوجي بالنسبة لعينة البحث، ولكن كشفت المقابلات الميدانية عن كثير من العنف النفسي والجنسي الذي تتعرض له الزوجات تحت غطاء العلاقة الزوجة.

ليلة الزفاف= فض البكارة

الاعتقاد بضرورة إتمام العلاقة الزوجية في الليلة الأولى للزفاف، جعل هدير صاحبة الـ 28 عاما تخبر زوجها أنها تعاني من الدورة الشهرية والتي تقدم موعدها بفعل المجهود والتوتر النفسي الذي تعرضت له لتعطي لنفسها فرصة كافية من الوقت حتى تعتاد على زوجها وعلى الحياة الجديدة التي ترهبها" كنت عايزة أتعود عليه الأول".                                                                               

"هو لازم العلاقة تحصل أول يوم؟" سؤال استنكاري صدمت هدير من إجابة والدتها عليه، والتي أخبرتها بوجوب حدوث ذلك في الليلة الأولى كدليل على الشرف، وإشباعًا لرغبة الزوج الذي ينتظر ذلك، محذرة من أن امتناعها عن حدوث العلاقة سوف يثير الشكوك حولها.

العلاج ممكن ولكنه غير مطلوب!

العلاج الجنسي أحد أنواع العلاجات النفسية التي يقوم بها مختص لعلاج الاضطرابات الجنسية التي يمر بها طرفي العلاقة، هكذا تقول الدكتورة جيهان التركي أخصائي الطب النفسي، في حملة "بالعربي" للتوعية الجنسية والنفسية، موضحة أنه في بداية العلاقة يتعثر الطرفان ويصابا أحيانًا ببعض المشكلات العضوية كسرعة القذف أو تشنجات في المهبل، ويرجع ذلك إلى أسباب نفسية بسبب الخوف والقلق، إن لم يكن هناك مشكلة عضوية.

ينتج الخوف والتوتر من حدوث العلاقة الجنسية من المعلومات المغلوطة التي يحصل عليها كل طرف، وتساهم المعتقدات الخاطئة التي يبثها الأهل لبناتهن قبل الزواج في زيادة الخوف والتوتر، كثيرات تتعثر حياتهن الجنسية ليست في الفترة الأولى من الزواج فقط بل ربما يستمر معهم ذلك في كل مرة تحدث فيها العلاقة، مما يسبب عدم الشعور بالسعادة والراحة، بعد أن تحول الجنس لمصدر إزعاج وقلق بدلًا من كونه مصدرا للاستمتاع والراحة.

تقول التركي، إن الاستشارة الجنسية هي الحل للتخفيف من وطأة التوتر وتصحيح المعلومات المغلوطة، وتقوم على عدد من الجلسات، وإذا كان الأمر له أساس نفسي أو أثر على نفسية أحد الأطراف يمكن اللجوء لعلاج دوائي بالإضافة للعلاج المعرفي السلوكي.

التوعية الجنسية هي أساس علاقة سليمة يتحقق فيها القدر الكافي من الاستمتاع للطرفين، ولكن كثرة المعلومات الشائعة والمغلوطة التي يكون مصدرها غير علمي ومعتمد على الأهل وخبرات الأصدقاء تتسبب في كثير من المشكلات العضوية والنفسية لطرفي العلاقة وخاصة الزوجة.

 خلال سنوات مديدة في العمل كطبيب نساء لم تطلب كثيرات استشارة جنسية من الدكتور حسام الشنوفي أستاد مساعد النساء والتوليد بقصر العيني، قبل الزواج أو حتى عند مقابلة إحدى المشاكل في مسار العلاقة الزوجية.

هنا وهند وسهام... مجرد أسماء في سجل طويل ممن يواجهن صعوبات في الحياة بسبب مشكلات في العلاقة الجنسية مع شركائهن والسبب الخرافات التي يتبناها الأهل ويتم بثها للأبناء في غياب الوعي والتثقيف الجنسي السليم والتابوهات المجتمعية التي قصرت الحديث حول العلاقة الحميمية على جلسات سرية تتجاذب فيها الفتيات المقبلات على الزواج أطراف الحديث معًا.

 

فيديو قد يعجبك:

صحتك النفسية والجنسية