أكثر الكلمات انتشاراً

لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد تريند سرقة الأعضاء.. هل هي حقيقة؟

كتب - محمود محمد

03:32 م الثلاثاء 29 يوليه 2025
سرقة الأعضاء

سرقة الأعضاء

​تنتشر بين الحين والآخر في المجتمعات، لا سيما العربية منها، شائعات حول "سرقة الأعضاء" البشرية، متصورةً أن عمليات اختطاف تحدث بهدف انتزاع الأعضاء وبيعها في السوق السوداء.

هذه الخرافة، التي تتغذى على الخوف وقلة المعرفة بالعمليات الطبية المعقدة، تثير قلقًا جماهيريًا غير مبرر.

الحقيقة العلمية والطبية تؤكد أن زراعة الأعضاء هي عملية شديدة التعقيد تتطلب تنسيقًا دقيقًا وإجراءات صارمة، مما يجعل فكرة سرقة الأعضاء بهذه السهولة أمرًا مستحيلاً من الناحية العملية والطبية.

​إن فهمنا لهذا الموضوع يجب أن يرتكز على مصادر موثوقة من المؤسسات الطبية الدولية والمنظمات الصحية العالمية، بعيدًا عن التخمينات أو المعلومات غير المدققة المتداولة في بعض الأوساط.

زراعة الأعضاء ليست مجرد عملية جراحية بسيطة، بل هي سلسلة من الخطوات المتتالية التي تتطلب تخصصات طبية متعددة، تقنيات متطورة، وبيئة معقمة للغاية.

​تعقيدات مطابقة الأعضاء: ما وراء الفصائل الدموية

​أحد أهم الأسباب التي تجعل سرقة الأعضاء غير مجدية على الإطلاق هي الحاجة الماسة إلى مطابقة الأنسجة بين المتبرع والمتلقي، فالأمر لا يقتصر على فصائل الدم فحسب، بل يتعداه إلى مطابقة معقدة لمستضدات الكريات البيضاء البشرية (HLA).

هذه المستضدات، الموجودة على سطح معظم خلايا الجسم، تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مدى تقبل جسم المتلقي للعضو المزروع، وإذا لم تتطابق مستضدات HLA بشكل كافٍ، فإن الجهاز المناعي للمتلقي سيعتبر العضو المزروع "غريبًا" ويهاجمه، مما يؤدي إلى رفض العضو وفشل عملية الزراعة.

​تتضمن عملية المطابقة إجراء فحوصات مخبرية متخصصة ومكلفة للغاية، مثل فحوصات التوافق النسيجي (Tissue Typing) واختبارات التوافق المتبادل (Crossmatching).

هذه الفحوصات تستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين، وتُجرى في مختبرات متخصصة جدًا، وهو ما يناقض تمامًا فكرة استئصال عضو بشكل عشوائي من شخص مسروق دون معرفة توافقه مع أي متلقٍ محتمل.

اقرأ أيضًا.. تطورات الحالة الصحية لـ أنغام بعد إزالة ورم بالبنكرياس

​سلسلة الإجراءات الطبية والفحوصات الدقيقة

​قبل أن يتمكن أي شخص من التبرع بعضو، سواء كان متبرعًا حيًا أو متبرعًا متوفى، يخضع المتبرع لسلسلة طويلة من الفحوصات والتقييمات الطبية الشاملة.

هذه الفحوصات ليست فقط لضمان صحة المتبرع وقدرته على تحمل الجراحة، بل وأيضًا للتأكد من أن العضو سليم ولا يحمل أي أمراض أو مشكلات قد تنتقل إلى المتلقي.

​تشمل هذه الفحوصات، على سبيل المثال لا الحصر:

​فحوصات الدم الشاملة: لتحديد فصيلة الدم، وتقييم وظائف الأعضاء، والكشف عن أي أمراض معدية مثل التهاب الكبد الوبائي (B و C) وفيروس نقص المناعة البشرية (HIV).

​فحوصات وظائف الكلى والكبد: لتقييم صحة هذه الأعضاء والتأكد من عدم وجود أي تلف أو مرض.

​فحوصات القلب والأوعية الدموية: مثل تخطيط القلب الكهربائي (ECG) وتصوير الأوعية الدموية، لضمان صحة القلب والأوعية الدموية.

​الفحوصات التصويرية: مثل الأشعة السينية، والتصوير المقطعي المحوسب (CT)، والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، لتقييم حجم وشكل وصحة العضو المراد زراعته.

​التقييم النفسي والاجتماعي: خاصة للمتبرعين الأحياء، للتأكد من أن قرار التبرع طوعي وغير قائم على أي ضغط أو إكراه.

​هذه الفحوصات لا يمكن إجراؤها في مكان سري أو "سوق سوداء"؛ بل تتطلب مستشفيات مجهزة بأحدث التقنيات ومختبرات متخصصة، وفريقًا طبيًا متكاملًا من الأطباء والجراحين والممرضين والفنيين.

​الجراحة وما بعدها: بيئة معقمة ومتابعة دقيقة

​عملية استئصال العضو وزراعته نفسها هي إجراءات جراحية كبرى تتطلب بيئة معقمة تمامًا لمنع العدوى.

غرف العمليات المجهزة لزراعة الأعضاء هي من بين الأكثر تعقيدًا وتجهيزًا في المستشفى، وتخضع لمعايير صارمة للغاية.

بعد الجراحة، يحتاج المتلقي إلى رعاية مكثفة في وحدات العناية المركزة (ICU)، ومتابعة طبية دقيقة مدى الحياة، بما في ذلك تناول الأدوية المثبطة للمناعة لمنع رفض العضو.

هذه الأدوية باهظة الثمن وتتطلب مراقبة مستمرة لمستوياتها في الدم وتعديل جرعاتها.

قد يهمك.. لطفي لبيب يعود للعناية المركزة بعد انتكاسة صحية جديدة

​المعايير الأخلاقية والقانونية الصارمة

​تخضع زراعة الأعضاء لقوانين ومعايير أخلاقية صارمة على مستوى العالم. تهدف هذه القوانين إلى حماية المتبرعين والمتلقين وضمان شفافية ونزاهة العملية برمتها. تُشرف المنظمات الصحية الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، والجمعيات الوطنية لزراعة الأعضاء، على تطبيق هذه المعايير.

أي تجاوز أو خرق لهذه القوانين يعرض الأفراد والمؤسسات لعقوبات قانونية صارمة، مما يجعل عمليات "سرقة الأعضاء" تحت جنح الظلام محفوفة بالمخاطر وتكاد تكون مستحيلة التنفيذ.

فيديو قد يعجبك: