أكثر الكلمات انتشاراً

لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أول طبيبة مصرية تدرب أطباء أمريكا على استئصال الأورام بالمنظار.. حكاية شيماء الخولي

03:38 م الجمعة 15 أغسطس 2025
د. شيماء الخولي أثناء تدريب الأمريكان على تقنية ES

د. شيماء الخولي أثناء تدريب الأمريكان على تقنية ES

حوار- أحمد فوزي:

أكدت الدكتورة شيماء الخولي، أستاذ مساعد أمراض الجهاز الهضمي والمناظير التداخلية بطب قصر العيني، أنها وفريقها الطبي تمكنوا من توطين تقنية "مناظير الفراغ الثالث" في مصر، وهي من أحدث تقنيات علاج أورام الجهاز الهضمي دون جراحة، لتضع مصر على خريطة الدول المتقدمة في هذا المجال.

وقالت الخولي في حوارها لـ"الكونسلتو"، إن هذه التقنية كانت غائبة تمامًا عن مصر، وكان يتم الاعتماد على الخبراء الأجانب لتنفيذها، لكننا نجحنا في إجرائها بكفاءة محلية كاملة، حتى صرنا أول فريق مصري وعربي ينفذ هذه العمليات.

بداية.. ما الذي تحقق مؤخرًا في مجال مناظير الجهاز الهضمي التداخلية داخل مصر؟

نجحنا، ولأول مرة في مصر والمنطقة العربية، في توطين تقنية "مناظير الفراغ الثالث" في جراحات الجهاز الهضمي، وهي من أحدث وأدق التقنيات عالميًا لعلاج الأورام والأمراض المعقدة في الجهاز الهضمي دون اللجوء إلى الجراحة التقليدية، هذه التقنية لم تكن موجودة في مصر على الإطلاق، وكان يتم الاعتماد على خبراء أجانب، خاصة من دول شرق آسيا، لتنفيذها.

اليوم، وبعد سنوات من التدريب والعمل المتواصل، أصبح لدينا فريق طبي مصري قادر على إجراء هذه العمليات بكفاءة عالية، مما وضع مصر على خريطة الدول التي تمتلك هذه التكنولوجيا الطبية المتقدمة، وأصبحنا أول فريق مصري وعربي يطبقها بشكل مستقل.

متى بدأتم إجراء هذه العمليات وكم بلغ عدد الحالات حتى الآن؟

أجرينا أول عملية باستخدام هذه التقنية عام 2018، ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم نفذنا حوالي 3 آلاف حالة، شملت أنواعًا متعددة من الأورام، بعضها كان في أماكن بالغة الصعوبة داخل الجهاز الهضمي.

كما نجحنا في إزالة أورام يصل حجمها إلى أكثر من 20 سنتيمتر، وكذلك التعامل مع أورام في الأمعاء الدقيقة، وهي من أصعب المناطق من حيث التدخل الطبي.

ما أبرز المزايا التي تقدمها هذه التقنية مقارنة بالجراحة التقليدية؟

الميزة هي أنها تتم بالكامل عبر المنظار من داخل الجسم، دون الحاجة إلى أي جرح خارجي، وهذا يعني أن المريض يمكنه مغادرة المستشفى في اليوم التالي للعملية وهو في حالة جيدة، دون فقدان أي جزء من القولون أو الأمعاء، ومع نسب أمان وراحة عالية.

التقنية تمنحنا القدرة على "تقشير" الأورام من جدار الجهاز الهضمي وإزالتها بالكامل، بنفس الكفاءة التي توفرها الجراحة التقليدية، لكن مع تقليل كبير في المخاطر وفترة التعافي، وهو ما جعل المرضى يقبلون عليها بسرعة شديدة.

هل استطاعت تقنية ESD أن تعالج حالات كان يصعب التعامل معها من قبل؟

بكل تأكيد، من أبرز الأمثلة أورام المستقيم والشرج، التي كانت تمثل مأساة للمرضى؛ إذ كان العلاج الجراحي التقليدي في كثير من الحالات يفرض على المريض التعايش مع فتحة جانبية لإخراج الفضلات مدى الحياة.

اليوم، بفضل هذه التقنية، أصبح بإمكاننا إزالة حتى ثاني درجة من الأورام الخبيثة في هذه المناطق، وهو إنجاز ضخم أنقذ حياة الكثيرين وأعاد لهم حياتهم الطبيعية، كما أننا قادرون حاليًا على علاج الأورام الحميدة والمتحورة بجميع درجاتها، وأول درجة من الخبيثة، دون أي تدخل جراحي تقليدي، أما فيما يخص أورام الشرج والمستقيم فقد وصلنا إلى إزالة الأورام الخبيثة حتى الدرجة الثانية، وهو إنجاز يمثل طوق نجاة للمرضى الذين كانوا يُضطروا إلى التعايش طوال حياتهم مع فتحة بالجانب للتخلص من فضلاتهم.

470142662_10162117003080926_3547217363022120813_n

ما التحديات التي واجهتكم خلال رحلة إدخال هذه التقنية إلى مصر؟

واجهتنا عدة صعوبات، أولها الحاجة للسفر للخارج لتلقي التدريب العملي، لأن التدريب كان محدودًا للغاية، بدأنا بتلقي محاضرات نظرية وتطبيقات عملية على الحيوانات، لكن التدريب على الحالات البشرية كان يحتاج إلى شراكات طويلة الأمد مع مراكز عالمية.

سافرنا إلى الصين، وهي الدولة الرائدة عالميًا في هذه التقنية، وهناك تدربنا على الحالات الفعلية تحت إشراف خبراء صينيين، مع شرط أن نُجري أول 7 حالات في مصر تحت إشرافهم المباشر، ثم نعمل بشكل مستقل.

التحدي الثاني كان ماديًا، فهذه العمليات تحتاج إلى أجهزة ومعدات باهظة التكلفة، لكننا تمكنا من تجاوز ذلك بفضل تبرعات من رجال الأعمال، الذين دعمونا منذ بداية السفر للتدريب وحتى تجهيز وحداتنا بالمعدات اللازمة.

أما التحدي الثالث فكان فكريًا ومهنيًا؛ إذ واجهنا مقاومة شديدة من بعض الجراحين وحتى من أطباء الجهاز الهضمي، الذين لم يكونوا مقتنعين بهذه التقنية في البداية، وظنوا أنها لا يمكن أن تكون بديلًا عن الجراحة التقليدية، تعرضنا لهجوم حاد في المؤتمرات العلمية، لكننا تمسكنا بعرض النتائج التي حققناها، حتى فرضنا الأمر الواقع وأثبتنا كفاءة هذه التقنية.

470131589_10162116985185926_9119535725294752832_n

ما أبرز المحطات التي شهدت اعترافًا عالميًا بإنجازاتكم؟

المشاركة في النشر الدولي كانت من العوامل المهمة التي ساعدت على شهرتنا عالميًا، فقد نشرنا أكثر من 100 بحث علمي في مجال مناظير الفراغ الثالث، وهو رقم كبير يعكس حجم العمل الذي قمنا به.

في عام 2022، تلقيت دعوة من الجمعية الأمريكية للجهاز الهضمي لأكون ضمن المدربين في أكبر مؤتمر عالمي في سان دييجو، وكان شعورًا رائعًا أن أشارك في تدريب أطباء من مختلف الدول.

ثم جاءت محطة مميزة أخرى في ديسمبر 2024، حين دُعيت لإعطاء كورس كامل لتقنية تشفية الأورام للأطباء الأمريكيين واليابانيين في شيكاغو، بالتعاون بين الجمعية الأمريكية والجمعية اليابانية، وهي الجهة التي ابتكرت هذه التقنية أصلًا.

ما الجديد الذي تستعدين له على المستوى الدولي؟

في ديسمبر المقبل، سأشارك في أورلاندو بالولايات المتحدة لتقديم دورة تدريبية جديدة عن نفس التقنية، وهو استمرار لخطتنا في نقل خبراتنا إلى أطباء العالم، وأؤمن بأن التكامل بين العمل البحثي والتطبيقي هو ما يضمن التقدم السريع، وهذا ما يميزنا في مصر اليوم.

لنعد قليلًا إلى البدايات.. كيف بدأ شغفك بهذا التخصص؟

القصة بدأت بشكل شخصي جدًا، فوالدي كان مريض كبد وأصيب بسرطان، وهذا الارتباط الإنساني جعلني أميل لتخصص أمراض الكبد والجهاز الهضمي، أثناء فترة الامتياز قضيت وقتًا طويلًا في معهد الأورام، ثم بدأت عملي في مناظير الأطفال بمستشفى أبو الريش.

بعدها حصلت على نيابة الباطنة، ثم الباطنة العامة، لكن شغفي بالمناظير كان يتزايد، خاصة وأنها أول تقنية تعلمتها في طب الجهاز الهضمي، وأعجبتني فكرة حل مشكلة المريض بأقل تدخل ممكن، سواء كان ذلك بإيقاف نزيف أو إزالة ورم أو تخفيف معاناة مزمنة.

ما الذي جعلك تصرين على الاستمرار رغم المشقة؟

الإحساس الذي ينتابك عندما ترى مريضًا كان يعاني لسنوات يعود لحياته الطبيعية في غضون يوم أو يومين، لا يمكن مقارنته بأي شعور آخر، ربما كان هذا الدافع الإنساني هو ما جعلني أتحمل صعوبات السفر، وتحديات التعلم في بيئة غريبة، ومواجهة العقبات المالية والفكرية، حتى نجحنا في تحقيق الحلم وإدخال التقنية إلى مصر.

فيديو قد يعجبك: