هل المضادات الحيوية المبكرة ترفع خطر الإصابة بالسكري من النوع الأول لدى الأطفال؟

كتب- محمد أمين:

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مارس 2024 بمجلة Science أن التعرض المبكر للمضادات الحيوية قد يؤدي إلى إعاقة نمو خلايا بيتا المسؤولة عن إنتاج الإنسولين في البنكرياس، مما يزيد من احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الأول، وهو أحد أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا بين الأطفال.

وأوضحت الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة كولورادو الأمريكية، أن الهدف منها كان تحديد العوامل البيئية المؤثرة في الإصابة بالسكري بعيدًا عن الجينات.

استخدام المضادات الحيوية

إذ تبين أن التوائم المتطابقة رغم امتلاكهم نفس الحمض النووي قد يصاب أحدهم بالسكري دون الآخر، مما يعزز فرضية وجود مؤثرات خارجية، منها استخدام المضادات الحيوية، بحسب ما نشرته صحيفة "الشرق الأوسط".

وأشار الباحثون إلى أن إعطاء الأطفال مضادات حيوية خلال السنة الأولى من عمرهم قد يكون له تأثيرات ضارة، حيث تؤدي هذه الأدوية إلى القضاء على الميكروبات النافعة في الأمعاء، بما فيها البكتيريا والفطريات المفيدة، والتي تلعب دورًا مهمًا في تعزيز صحة الطفل ودعم نمو خلايا بيتا.

اقرأ أيضًا: ممارسات خاطئة عند تناول المضادات الحيوية- تجنبها

نمو خلايا الإنسولين

وأكدت الدراسة أن العلاج بالمضادات الحيوية، وخاصة في الدول النامية، شائع جدًا، إذ يتلقى الطفل في السنوات الثلاث الأولى من عمره نحو 25 دورة علاجية في المتوسط، ومع أن هذه الأدوية تقضي على البكتيريا الضارة، فإنها تفتك أيضًا بالميكروبات المفيدة التي تساهم في نمو خلايا الإنسولين.

وتولد الأطفال بعدد محدود من خلايا بيتا، لكن في عامهم الأول يشهدون طفرة في نمو هذه الخلايا، وهي عملية تعتمد بدرجة كبيرة على وجود تنوع ميكروبي صحي.

وفي حال تضررت هذه البيئة الميكروبية بسبب المضادات، يتعطل نمو الخلايا، ما يؤدي لاحقًا إلى نقص في إنتاج الإنسولين وارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم، وبالتالي الإصابة بالسكري.

ولتأكيد هذه النتائج، قام الباحثون بتجربة على فئران صغيرة، أعطيت مضادات حيوية واسعة الطيف لمدة عشرة أيام، وكشفت النتائج عن تراجع في نمو خلايا بيتا، وارتفاع ملحوظ في مستويات الغلوكوز، إضافة إلى انخفاض في الإنسولين وتدهور في وظائف أعضاء الجسم.

قد يهمك: تتناول المضادات الحيوية؟- إليك ممنوعات من المضادات الحيوية

في المقابل، أشارت الدراسة إلى أن تعويض هذه الفئران بميكروبات نافعة، وخاصة نوع معين من الفطريات يُدعى Candida dubliniensis، ساهم في تحسين نمو خلايا بيتا وزيادة إنتاج الإنسولين.

وقد تم جمع هذه الميكروبات من عينات براز لأطفال أصحاء ضمن دراسة بيئية سابقة حول مسببات السكري في مرحلة الطفولة.

والمثير أن الفائدة الكبرى للميكروبات المفيدة ظهرت فقط عندما تم إعطاؤها للفئران خلال الفترة المبكرة من حياتها، ما يشير إلى وجود "نافذة زمنية حرجة" في العام الأول بعد الولادة، يكون فيها الجسم أكثر استعدادًا للاستفادة من هذه الميكروبات.

وعندما تم حقن فئران ذكور لديها استعداد وراثي للإصابة بالسكري بهذه الفطريات في وقت مبكر، انخفضت معدلات الإصابة إلى أقل من 15%، بينما وصلت النسبة إلى 90% لدى الفئران التي لم تحصل على هذا النوع من الميكروبات.

واختتم الباحثون دراستهم بالتأكيد على أنهم لا يدعون إلى إيقاف استخدام المضادات الحيوية للأطفال، بل يدعون إلى ترشيد استخدامها، بحيث تُوصف فقط للحالات التي تستدعي ذلك وبجرعات مناسبة ولمدد زمنية محددة. كما أوصوا الأطباء بالنظر في استخدام مكملات تحتوي على ميكروبات مفيدة بعد انتهاء العلاج بالمضادات، من أجل الحفاظ على التوازن الميكروبي الضروري للنمو الصحي للطفل.