حسام غنيم يكتب: عزيزي مريضي!

دكتور حسام غنيم
يهمني جدا أن تكون مثقف طبيا، بل وأسعى إلى ذلك من خلال كم النشرات والإرشادات العلمية والصحية التي كتبتها خصيصا من أجلك وتجدها أمامك في عيادتي، ولكن عليك أن تعلم وتتعلم بعض القواعد في الثقافة الطبية.
1- هناك فرق بين العرض والمرض، وعلي سبيل المثال الحموضة عرض وليست مرض.. قد تكون عرض مهم لمرض اسمه ارتجاع بالمريء، ولكن قد تكون عرض لأمراض أخرى خصوصا إذا صاحبها أعراض أخرى مثل صعوبة البلع، وهناك فرق بين علاج العرض وعلاج المرض، فلا تذهب لصيدلي يعطيك مُسكن لألم وليس علاج لأسباب الألم.
الصيدلي لا يشخص مرضا، وبهذه المناسبة أقول لك القولون عضو من أعضاء الجسم وليس مرض، لا يوجد شيء اسمه "أنا عندي القولون".. كلنا عندنا قولون، يمكن عندك التهاب في القولون أو جيوب أو تقرحات أو لا قدر الله أورام أو حتى قولون عصبي المرض أو _الشماعة_ الأشهر!.
2- لا تسألني "هنا في إيه هنا بيوجعني".. مكان الألم ليس بالضرورة هو سببه، وفي المكان الواحد قد يتواجد أكثر من عضو، على سبيل المثال آلام أعلى البطن من الجانب الأيمن قد تكون مرارة أو قولون أو معدة أو اثنى عشر، ونحن الأطباء مدربون علي التفرقة ونعرف الفحوصات التي تقودنا للمعرفة بأقصر الطرق.
3- تصفح الإنترنت.. إطّلِع، ولكن لا تستخدم ذلك في تشخيص نفسك أو من تحب، فمهنية وحرفية الطبيب في التشخيص لأنه عملية معقدة يندمج فيها عناصر كثيرة من علم ومعلومات وخبرات وحواس، حتى قرار العلاج إذا كان جراحي أو تحفظي أو أي نوع من العلاجات التي لا تتعارض مع بعضها البعض.
معلش، يجب أن تعترف بأن كل سنين الدراسة التي درسناها وكانت تتصل ببعضها البعض دون إجازات كنا نتعلم فيها وندرس ما لا تعلمه، وأضف إلى ذلك سنين الخبرة.. أنصحك بتصفح مرضك والمعلومات عنه بعد أن يشخصك الطبيب المختص وليس تصفح عرضك لتشخيص نفسك، وإلا ستدور في دوامات.
4- أرجوك.. تشابه أعراضك مع أعراض صديق أو قريب لك لا يعني أنكم تشتركون في التشخيص والعلاج فتندفع لوصف علاجك له، الأعرض تتشابه والأمراض تتباين.. فنفس الأعراض قد يكون لها تشخيص مختلف، وما ينفعك قد يضر غيرك .
5- إذا لم تثق في طبيبك اذهب لآخر ولا تذهب له محاولاً إقناعه بما قاله لك قريب أو صديق أو طبيب سابق أو فني المعمل الذي سلمك نتائجك، فنتائج التحاليل ليست أرقام مُجردة بل هي حلقة في سلسلة، الطبيب وحده من يملك الحكم عليها لأنه يضعها في ميزان مع عدة معايير أخرى للحكم على مدى تأثيرها أو جدواها.
عزيزي مريضي.. أكتفي بهذا القدر دون التطرق لثقتك الفائقة في كلام الإعلام علي حساب العلم، ولعل بول الإبل ولبن الجمال والتشكيك في العلاجات الحديثة لفيروس سي في بدايتها والتي أثبتت فاعلية فائقة في القضاء علي الفيروس أصدق مثال.. فهنا أنت الضحية ولست الجاني، وعليك أن تفرق بين إعلان السبوبة وإعلام التوعية.
فيديو قد يعجبك: