فيروس غامض يثير المخاوف في أوروبا بعد تسببه بوفاة الرُضع

تشهد أوروبا مخاوف متزايدة بعد رصد انتشار صامت لفيروس متحوّر يشبه نزلات البرد، لكنه قادر في بعض الحالات النادرة على التسبب في مضاعفات عصبية خطيرة، من بينها الشلل الشبيه بشلل الأطفال والتهاب السحايا.

وأظهرت بيانات جديدة قُدمت في مؤتمر إسكيد في وارسو أن إصابات الفيروس قفزت خلال عام 2023 إلى مستويات غير مسبوقة، مما دفع خبراء الصحة إلى الدعوة لمراقبة دقيقة لهذا الطارئ الصحي، وفقًا لصحيفة "The Sun".

ارتفاع لافت في الإصابات داخل أوروبا

أوضحت البيانات الحديثة تسجيل 111 إصابة بالفيروس عبر تسع دول أوروبية خلال 2023، مقارنة بـ 27 حالة فقط خلال 15 عامًا منذ رصد الفيروس لأول مرة.

وأشار الخبراء إلى أن الأطفال شكّلوا النسبة الأكبر من الإصابات، وهو ما وصفه أحد المتخصصين بأنه "اتجاه مقلق".

اقرأ أيضًا.. بعد وفاة 50 شخصا.. فيروس غامض يحصد الأرواح في الكونغو

وفي بريطانيا، التي أصبحت مركز التفشي الحالي، تم رصد 80 إصابة خلال العام نفسه، أي ما يقرب من ثلثي الحالات المسجلة على مستوى القارة، ويؤدي الفيروس لدى معظم المصابين إلى أعراض خفيفة تشبه نزلات البرد، تشمل الحمى والسعال وآلام الصدر، إلا أن تأثيره يزداد خطورة لدى فئة الأطفال.

مضاعفات نادرة لكنها خطيرة

ورغم أن أغلب الحالات تمر بأعراض بسيطة، فقد وثّق الأطباء حالات قليلة طوّر فيها الأطفال شللاً رخوًا حادًا يشبه شلل الأطفال، إضافة إلى حالات التهاب السحايا وتورّم الدماغ.

كما ارتبط الفيروس بوفاة طفل يبلغ تسعة أشهر، حيث أثبت الفحص وجود فيروس EV-C105 إلى جانب فيروسات أخرى، ويبدو أن متحوّرًا جديدًا من الفيروس يقف وراء 20 حالة حديثة، معظمها في إنجلترا، ويعتقد العلماء أنه ربما يكون أكثر حدّة.

وأشارت الدكتورة لورا بوبا، المتخصصة في منظمة الصحة العالمية، إلى أن السلالة الجديدة "قد تكون أشد تأثيرًا وتميل لتسبب مضاعفات عصبية أكثر"، مؤكدة أن الطفرة سمحت للفيروس بالتحايل على بعض الاختبارات، ما قد يعني وجود عدد غير مكتشف من الحالات.

قلق الخبراء.. وتطمينات رسمية

تشير بيانات "شبكة الفيروسات المعوية غير المرتبطة بشلل الأطفال" إلى أن 7% من الأطفال المصابين في 2023 ظهرت عليهم أعراض عصبية، وقال البروفيسور بول هنتر من جامعة "إيست أنغليا" إن هذه النسبة "أكثر ما يقلقه"، مؤكدًا ضرورة متابعة الوضع عن كثب.

وأضاف هنتر أن الفيروسات المعوية عادة ما تشهد موجات تأتي ثم تختفي، لكنه لم يستبعد احتمال تسبب هذا المتحوّر في مشاكل خطيرة خلال الشهور المقبلة.

ورغم هذه المخاوف، أوضحت السلطات الصحية البريطانية أن التحوّر لا يعني بالضرورة زيادة خطورة الفيروس.

وأكدت الدكتورة كريستينا سيلما من وكالة الأمن الصحي البريطانية أن الإصابات بسلالة EV-C105 بدأت في التراجع، لافتة إلى عدم تسجيل أعراض شديدة مرتبطة بها خلال الفترة الأخيرة.

قدرة الاختبارات البريطانية على الكشف عن المتحوّر

تؤكد المختبرات البريطانية أن الاختبارات المعتمدة لديها ما زالت قادرة على كشف الفيروس رغم الطفرات التي طرأت عليه، مشيرة إلى استخدام مجموعة متنوعة من الفحوص التي تمكن من تتبع أي تغيّر في بنيته الجينية.

ويعد الفيروس جزءًا من عائلة كبيرة من الفيروسات التي تسبب عادة أمراضًا خفيفة مثل نزلات البرد والطفح الجلدي والتهابات المعدة.

قد يهمك.. الصحة العالمية تحقق في مرض غامض يثير القلق بهذه الدولة

علامات تستدعي زيارة الطبيب

تتشابه أعراض EV-C105 مع أمراض الشتاء الشائعة، مثل الحمى والسعال والتهاب الحلق ونزلات البرد الحادة.

وينصح الأطباء الآباء باللجوء للرعاية الطبية فورًا إذا ظهرت على الطفل علامات خطيرة، مثل صداع شديد جدًا، تصلّب الرقبة، ضعف غير معتاد، ارتخاء الأطراف، صعوبة تحريك الذراع أو الساق، أو مشاكل في التنفس.