أكثر الكلمات انتشاراً

إعلان

فوائد صحية لتدليك الأطفال حديثي الولادة

05:13 م السبت 04 ديسمبر 2021
فوائد صحية لتدليك الأطفال حديثي الولادة

تدليك الأطفال الرضع

وكالات

يُمارس تدليك الأطفال في جنوب آسيا منذ قرون، والآن يكتشف العلماء أنه قد ينقذ حياة الكثير من الأطفال حيث يمكن أن يمنحهم فوائد صحية للجسم.

في أمسية باردة من أمسيات شهر أكتوبرل، أحضرت رينو ساكسينا ابنتها المولودة حديثًا إلى المنزل من مستشفى في مدينة بنغالورو جنوبي الهند. وشعرت ساكسينا بالدهشة من ضعف طفلتها، وبروز عروقها الصغيرة من خلال بشرتها الشفافة.

وكانت ساكسينا قد وضعت طفلتها في وقت مبكر عن الوقت الطبيعي - في الأسبوع السادس والثلاثين - وكان وزن الطفلة 2.4 كجم فقط. ونصحت عائلة ساكسينا الأم بالبدء الفوري في علاج هندي قديم لمساعدة الأطفال حديثي الولادة على النمو: تدليك الأطفال يوميًا.

لكن أطبائها كانوا أكثر حذرا، واقترحوا عليها الانتظار حتى يزيد وزن الطفلة قبل بدء التدليك.

توصلت ساكسينا إلى حل وسط، وقررت تأجيل التدليك لمدة أسبوعين. وخلال تلك الفترة، لم تكتسب ابنتها سوى أقل من 100 غرام في الأسبوع، وكانت تنام بشكل متقطع.

عندئذ، استعانت ساكسينا بممرضة متقاعدة كانت متخصصة في التعامل مع حديثي الولادة، وتعلمت منها فن تدليك الأطفال، وتحولت الأمور نحو الأفضل، فلم تبدأ ابنتها في النوم جيدًا فحسب، بل زاد وزنها أيضًا.

وتدعم تجربة ساكسينا مجموعة متزايدة من الأدلة حول الفوائد المدهشة لتدليك الأطفال في جنوب آسيا، بما في ذلك الأطفال الخدج (المولودون قبل الآوان).

وأظهرت دراسات أن التدليك بالزيت، عند ممارسته بشكل صحيح، يمكن أن يزيد وزن الأطفال، ويمنع الالتهابات البكتيرية، ويقلل من وفيات الأطفال بنسبة تصل إلى 50 في المئة.

ومع ذلك، يجب على الآباء المهتمين بهذه الممارسة مناقشة الأمر مع مقدم الرعاية الصحية أولاً، للتأكد من أنها آمنة ومناسبة لأطفالهم.

وبالنسبة للعائلات التي تعتز بهذه الممارسة المتوارثة عبر الأجيال، تؤكد النتائج ملاحظاتها الخاصة. وتنحدر ساكسينا، التي كانت تعمل في السابق كمديرة إعلانات، في الأصل من ولاية أوتار براديش شمالي الهند، والمعروفة بتقاليدها في تدليك كل من الأم والرضيع بعد الولادة بفترة وجيزة. وكانت عائلة ساكسينا تتبع هذه الممارسة منذ أجيال طويلة.

تقول ساكسينا: "كانت والدتي تخبرنا دائمًا كيف تعافت بسرعة أكبر بكثير بعد ولادتي - كنت طفلها الثالث - وكيف كنت أنمو بشكل جيد لأنها بدأت تدليكي في اليوم الذي عادت فيه إلى المنزل بعد الولادة" .

وعلمت ممرضة الأطفال حديثي الولادة ساكسينا كيفية تسخين الزيوت، والتدليك بالتناوب بين زيت جوز الهند النقي وزيت اللوز، ووضع ذلك بأمان على بشرة ابنتها في جلسات يومية مدتها نصف ساعة، يليها حمام دافئ.

تقول ساكسينا: "بدأنا التدليك بضربات خفيفة على بطن الطفلة، ووسّعناها إلى أجزاء أخرى من الجسم. ثم دلكنا الأطراف بلطف، ثم أطراف أصابع القدم وصولا إلى الرأس للتخلص من الغازات المحتبسة".

ويقول باحثون إن تدليك الأطفال يمكن أن يمنحهم فوائد صحية تستمر حتى مرحلة البلوغ.

يقول غاري دارمشتات، أستاذ طب حديثي الولادة وطب النمو في كلية الطب بجامعة ستانفورد: "الجلد هو أكبر عضو في الجسم، لكن غالبًا ما نقلل من أهمية العناية بالبشرة للصحة العامة".

وفي رحلاته المبكرة عبر بنغلاديش والهند، لاحظ دارمشتات أن العائلات، وخاصة الأمهات والجدات، تقضي الكثير من الوقت في تدليك أطفالها حديثي الولادة.

ويقول عن ذلك: "شعرت بالذهول عندما علمت أن هذا الأمر يحدث منذ قرون، ثم بدأت في دراسته".

وفي عام 2008، في دراسة أجريت على 497 طفلاً خديجا تلقوا تدليكًا يوميًا في مستشفى في بنغلاديش، أظهر دارمشتات ومعاونوه أن هذه الممارسة القديمة يمكن أن تنقذ أرواح الأطفال.

ويقول: "رأينا انخفاضًا بنسبة 40 في المئة في مخاطر العدوى، وانخفاضًا بنسبة تتراوح بين 25 في المئة و50 في المئة في خطر الوفاة، وهو ما يعد أمرا مهما للغاية".

ومن خلال تجارب منفصلة، وجد الفريق الطبي أن التدليك المنتظم يساعد في بناء ميكروبيوم الطفل - طبقة البكتيريا الموجودة على الجلد وفي الأمعاء. ويلعب الميكروبيوم دورًا مهمًا للغاية في تعزيز المناعة، من خلال العمل كحاجز فعال يمكنه منع العدوى.

يقول دارمشتات: "الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والذين جري تدليكهم بالزيوت كان لديهم ميكروبيوم أكثر تنوعًا. لقد حسنت الزيوت وظيفة الجلد كحاجز لمنع العدوى، وهو ما يجعل من الصعب على البكتيريا اختراق الجلد والدخول إلى مجرى الدم والتسبب في التهابات تهدد الحياة".

وكانت هذه النتائج حاسمة بشكل خاص لرعاية الأطفال الخدج. يقول دارمشتات عن ذلك: "في الأطفال المبتسرين، لا يعمل حاجز الجلد بشكل جيد، لذا يتعرض هؤلاء الأطفال لفقدان الماء من خلال الجلد. ويتبخر الماء من الجسم بسرعة كبيرة، وبالتالي تنخفض درجة حرارة الجسم. وعندما تنخفض درجة حرارة الجسم بشكل كبير، يمكن أن تهدد حياة الطفل".

ويضيف دارمشتات: "يفقد الرضيع الكثير من الطاقة بسبب معاناته من هبوط درجة حرارة الجسم، وهي الطاقة التي كان يمكن أن تتجه إلى النمو وجوانب أخرى من وظائف الجسم".

وفي دراسة لم تُنشر بعد من قبل دارمشتات وفريقه، تتبع الباحثون 26 ألف طفل، ليس فقط الخدج، في ولاية أوتار براديش شمالي الهند. وجرى تدليك نصفهم بزيت عباد الشمس والنصف الآخر بزيت الخردل. ولاحظ الباحثون تحسنًا في النمو لجميع الأطفال.

يقول دارمشتات: "وعلى الرغم من عدم وجود تأثير كبير على معدل وفيات الأطفال ذوي الوزن الطبيعي عند الولادة، إلا أنه بين الأطفال الأصغر حجمًا (الذين يقل وزنهم عند الولادة عن 1.5 كجم)، كان هناك انخفاض كبير بنسبة 52 في المئة في خطر الوفاة".

ووجد باحثون آخرون فوائد مماثلة. وتشير إحدى الدراسات إلى أن التدليك يحفز العصب الحائر أو العصب المبهم، وهو عصب طويل يربط الدماغ بالبطن، وهو ما يؤدي إلى تحسين الهضم وامتصاص العناصر الغذائية، وهذا بدوره يمكن أن يساعد الأطفال على زيادة الوزن.

وعلاوة على ذلك، قد يؤدي تدليك البطن يوميا إلى تقليل التوتر والشعور بالألم، وهو ما يمكن أن يكون مهمًا بشكل خاص للأطفال الخدج الذين يقضون شهورًا في المستشفيات.

تقول تيفاني فيلد، أستاذة طب الأطفال وعلم النفس والطب النفسي في كلية الطب بجامعة ميامي والمتخصصة في تدليك الأطفال: "نقترح أن يبدأ الآباء في تدليك أطفالهم عند الولادة".

وراجعت فيلد دراسات تدليك الأطفال الخدج من بلدان مختلفة، وتشجع هذه الممارسة، وتذكر الآباء والأمهات بأنه من المهم للغاية ممارسة التدليك بشكل صحيح.

كما يوصي دارمشتات باتباع نهج معتدل، ويقول: "ما لا نريد القيام به، خاصة عند الأطفال المبتسرين، هو التدليك بقوة، لأن ذلك يمكن أن يتلف حاجز الجلد ويمكن أن يكون ضارًا".

فيديو قد يعجبك:

صحتك النفسية والجنسية