الجراح وليد حسن: استئصال الورم بالروبوت استغرق ساعة- وهذا أكبر تحدِ واجهني (حوار)

الدكتور وليد حسن، رئيس قسم المسالك البولية بكليفلا
حوار - أحمد فوزي:
في سابقة هي الأولى من نوعها، نجح الجراح العالمي وليد حسن، رئيس قسم المسالك البولية بكليفلاند كلينك أبوظبي، في استئصال ورم سرطاني من بروستاتا عن بُعد، بالتعاون مع فريق من كليفلاند كلينك بالولايات المتحدة الأمريكية.
تمكن موقع "الكونسلتو" من إجراء حوار مع الجراح وليد حسن، تحدث فيه تفصيليًا عن كواليس الجراحة التي أجراها قبل أسبوعين ومستقبل علاج الأمراض باستخدام الروبوتات.
وإلى نص الحوار:
في البداية، ماذا يعني استخدام الروبوتات في العمليات الجراحية؟
استخدام الروبوتات في إجراء العمليات الجراحية هو مرحلة متطورة من العمليات بالمناظير، إذ يقوم المنظار بتكبير الجزء المراد علاجه جراحيًا بحوالي 10 مرات، مما يمنح الطبيب قدرة أكبر على التحكم والوصول إلى الأماكن الحساسة بالجسم بسهولة أكبر.
وتطوير العلاج الجراحي بالروبوتات كان طموحًا أمريكيًا، لعلاج الجنود والضباط المصابين في الحروب عن بُعد، دون الحاجة لنقلهم إلى مستشفيات مجهزة بعيدة عنهم مئات الأميال، لإنقاذهم في أقل وقت ممكن.
حدّثنا عن الجهاز المستخدم في استئصال الورم السرطاني من البروستاتا
يعمل الجهاز الذي استخدمناه في الجراحة بالموجات الصوتية. ساعدنا على استهداف الورم السرطاني واستئصاله دون التأثير على المناطق الأخرى بالبروستاتا.
ما هي أبرز التحديات التي واجهتكم في هذه الجراحة المعقدة؟ وكيف تغلبتم عليها؟
توصيل جهاز بجهاز آخر عن بعد من أبرز التحديات التي واجهتنا في الجراحة، فضلًا عن المخاوف المتعلقة باحتمالية تعطل الأجهزة خلال إجراء العملية.
ولا يمكن أن ننسى عقبة المسافة بيني وبين الطبيب المتواجد في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بلغت 11 ألف كيلو متر. فكنا نفكر كثيرًا قبل الجراحة كيف سنتحدث؟ بأي لغة سنتواصل؟ كيف نتجنب سوء التفاهم، منعًا لحدوث أي أخطاء؟
علاوة على ذلك، فإن العملية لم تكن طبية فقط، بل كانت هندسية أيضًا، إذ كان معنا طاقم هندسي مسئول عن كفاءة كل المعدات الموجودة وطريقة التواصل والتعامل مع بعضنا البعض من البداية حتى النهاية.
هل تم اختبار هذه الجراحة قبل إجرائها؟
نعم. قمنا باختبار الجراحة حوالي 5 مرات على مجسم بشرى، حتى وصلنا إلى مرحلة اللاخطأ، ومن ثم حصلنا على موافقة وزارة الصحة الإماراتية، لإجرائها على أرض الواقع.
صِف لنا ما جرى من استعدادات للعملية
تم الاستعداد للجراحة بنسبة 100%، حيث قمنا بتنفيذها على نظام محاكاة أكثر من مرة. ولا يمكن إغفال التطور الهائل في سرعة الإنترت، حيث ساهمت شبكة 5G في ألا ينقطع الاتصال بيني وبين الطبيب الأمريكي.
ما الفرق بين استئصال الورم السرطاني بالروبوت والجراحة التقليدية؟
الفرق شاسع، لأن الروبوت يساعدنا على اسئتصال الورم السرطاني بصورة أقل صعوبة وتعقيدًا، فضلًا عن قدرته على تقليل شعور المريض بالألم وتقليص فترة تعافيه بعد الجراحة.
كم مدة التعافي من العمليات الجراحية بالروبوت؟
كما ذكرنا، تكون فترة التعافي أقل من العمليات التقليدية، إذ يمكن للمريض أن يتماثل للشفاء في غضون يوم أو يومين، بالإضافة إلى انخفاض خطر تعرضه للنزيف.
والجدير بالذكر أن 90% من المرضى بعد جراحات الروبوت لا يحتاجون لتناول الدواء، وهذا أمر ممتاز.
صِف لنا شعورك بعد نجاح العملية
شعرت بإحساس رائع، لأننا فتحنا صفحة جديدة للبحوث العلمية في المستقبل. فالهدف من هذا التطور هو نقل ومشاركة الخبرات عبر القارات، دون الحاجة إلى سفر المريض من دولة إلى أخرى.
وبهذه التكنولوجيا الرائعة، سنتمكن من تخفيف العبء على المريض، وإجراء العملية بدقة أكبر، والاستعانة بخبرات أمهر الجراحين في أي مكان بالعالم.
كم من الوقت استغرقت العملية؟
استغرقت العملية حوالي 60 دقيقة.
برأيك، ماذا ينقصنا لنقل هذه التكنولوجيا إلى مصر؟
لا ينقص مصر إلا الإمكانيات فقط. فهذه التكنولوجيا مكلفة للغاية، والأوضاع الاقتصادية هي العائق الوحيد. سيكون من الرائع للطبيب أن يجرى عملية في قصر العيني لعجوز متواجد بأسوان، لا يستطيع تحمل مشقة السفر إلى القاهرة، أو طفل صغير قد تدهور حالته الصحية، إذا برح من مكانه.
لو طُلب منك إجراء هذه العملية في مصر، هل ستوافق؟
بكل تأكيد. هذا أمر أسعى إليه، وإن كانت الإمكانات متاحة، فنحن على أتم الاستعداد. ولحين توفير هذه التكنولوجيا، نحن مستعدون لاستقبال كافة الحالات من مصر في الإمارات. نحن هنا للمساعدة، ونرحب بكل المصريين.
بماذا تنصح لتجنب اللجوء إلى العمليات الجراحية، خاصةً في مصر والمنطقة العربية؟
أوصي بالرعاية الطبية والطب الوقائي والمتابعة المستمرة، لأن الفحص الدوري يكتشف ويتنبأ بالأمراض ويقلل من خطر الإصابة بها.
ومن الضروري الحفاظ على نظافة البيئة المحيطة بالإنسان، لأن تلوث الماء والهواء من العوامل التي تؤدي إلى تفشي الأمراض، ومن ثم زيادة الحاجة للعمليات الجراحية.
لننتقل إلى الجوانب الإنسانية في حياتك.. حدثني عن نشأتك
وُلِدت في الولايات المتحدة الأمريكية لأبوين مصريين، هاجرا إلى أمريكا، حينما فتح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر باب هجرة، فكانا من أوائل المهاجرين المصريين إلى بلاد العم سام.
هل زرت مصر من قبل؟
نعم. قمت بزيارة مصر مرات عديدة، لإلقاء محاضرات في العديد من المؤتمرات العلمية بالقاهرة. وأتطلع لزيارتها في أقرب فرصة.
كيف تعلمت اللغة العربية؟
أنا لا اتقن اللغة العربية، فقط أتحدث بعض الشيء، لكني استطيع قراءة الجرائد والصحف العربية، ويعود الفضل في ذلك إلى جدتي، لأنها كانت تتحدث معي دومًا بالعربية.
وأحب أن أعرب عن سعادي بهذا الحوار، لأنك جعلتني أحاول التحدث بالعربية لأطول مدة على الإطلاق، نعم هذه أطول مدة تحدثت فيها بالعربية، وأنا مسرور وفخور بذلك.
ما سبب تخصصك في المسالك البولية؟
أنا طبيب بالوراثة، ولدت في عائلة طبية، فكان من الطبيعي أن أصير طبيبًا. أما عن التخصص، فمنذ 15 سنة وأنا أمارس جراحة المسالك البولية.
حدثني عن عملية أو وموقف مع مريض لن تنساه
في الحقيقة، هناك الكثير من المواقف. لكن دعني أقول لك، عندما يأتي إليك شخص منذ سنوات طويلة، لتوقيع كشف أو إجراء عملية، ثم يأتيك بعد 5 سنوات ليشكرك، لأنك كنت سببًا في أنه استطاع ممارسة حياته بصورة طبيعية، بعدما كان فاقدًا للأمل، فهذا شيء رائع، يدفعني كطبيب لمواصلة عملي.
فيديو قد يعجبك: