وفي التفاصيل، حقن البعض بهذه "الجرعة الوهمية" التي لا تحتوي شيئا، حتى يقارن العلماء مستوى تعرضهم للفيروس بمن تلقوا جرعة من اللقاح التجريبي الحقيقية، وهذا الأمر يكشف مدى نجاعة اللقاح في الوقاية من المرض، كما هو الحال مع اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد.

وبما أن من أخذوا الجرعات الوهمية ليسوا محصنين حتى الآن ضد الفيروس، بينما توشك حملات التطعيم على أن تبدأ، فإن جدلا يدور حول ما إذا كان هؤلاء المتطوعين أحق بأن يتم تلقيحهم في الطليعة.

وتم التركيز في أغلب البلدان على البدء بتلقيح من يشكلون خط الدفاع الأول ضد الوباء، مثل موظفي الرعاية الصحية وقوات الأمن وكبار السن، ومن يعانون اضطرابات صحية مزمنة.

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن هناك من يحث على إيلاء الأولوية لهؤلاء المتطوعين حتى لا ينتظروا طويلا، بعدما قدموا خدمة جليلة خلال مرحلة التجارب السريرية، وفقاً لـ"سكاي نيوز".

لكن 18 خبيراً في شؤون اللقاحات في الولايات المتحدة، ومن بينهم مسؤولون في إدارة الغذاء والدواء، قالوا إن تطعيم "أصحاب الجرعة الوهمية" سيكون أمراً كارثياً للتجارب السريرية برمتها، في حال حصوله.

وأوضحوا أنه "إذا تم تلقيح هؤلاء المتطوعين فإن المؤسسات البحثية لن تظل قادرة على المقارنة بين آخذي الجرعة الحقيقية من اللقاح، وبين من تلقوا الجرعة الوهمية".

وقال باحث في جامعة أوكسفورد إنه "عند اختيار الفئات الجديرة بالأولوية في مسألة اللقاح، فإن آخر من يجب تطعيمهم هم المشاركون في التجارب السريرية"، ومن بينهم متلقو اللقاحات الوهمية.

ورغم أن هذه الجرعات الوهمية تساعد العلماء على إدراك نجاعة اللقاحات، من خلال إتاحة المقارنة، فإنها تطرح جدلا أخلاقيا، وسط تساؤلات حول ما إذا كان من السليم أن تعطي إنسانا متطوعا جرعة وهمية، ليس فيها شيء، بينما هو معرض لمرض أو فيروس قد يؤثر عليه بشدة.

وكان هذا الجدل قد طرح أيضا بشأن لقاح شلل الأطفال الذي تم تجريبه سنة 1953.

وقال مطور اللقاح جوناس سالك وقتئذ، إنه سيشعر بأنه مسؤول في حال تم حقن طفل من الأطفال بجرعة وهمية، ثم أصبح مصابا بالشلل في وقت لاحق، لكن التجارب قادت إلى اكتشاف لقاح ناجع في نهاية المطاف.