احذر.. إهمال صحة أمعائك قد يصيبك بالاكتئاب
كتب - محمود محمد

إهمال صحة أمعائك قد يصيبك بالاكتئاب
لطالما اعتبر الأمعاء مجرد عضو مسؤول عن الهضم وامتصاص الغذاء، لكن الأبحاث العلمية الحديثة كشفت عن دورها المذهل في التأثير على مزاجنا وصحتنا العقلية.
ما كان يعتبر مجرد "شعور غريزي" أو "إحساس داخلي"، حيث أصبح الآن محور دراسات مكثفة حول العلاقة بين الميكروبيوم المعوي (مجموعة البكتيريا والكائنات الدقيقة التي تعيش في الأمعاء) والدماغ.
وهذه العلاقة المدهشة، المعروفة باسم محور الأمعاء-الدماغ (Gut-Brain Axis)، تفتح الباب لفهم جديد للاكتئاب والقلق، وتعد بإمكانيات علاجية مستقبلية قد لا تتضمن الأدوية التقليدية.
الأمعاء.. "دماغنا الثاني"
هل تعلم أن أمعاءك تحتوي على ما يقرب من 500 مليون خلية عصبية، وهي أكثر من أي جزء آخر في جسمك باستثناء الدماغ؟ هذا الجهاز العصبي المعوي (Enteric Nervous System) يعمل بشكل مستقل، ويتواصل باستمرار مع الدماغ عبر مسارات كيميائية وعصبية معقدة.
ويُعد العصب الحائر (Vagus Nerve)، أحد أهم هذه المسارات الذي يمتد من الدماغ إلى الجهاز الهضمي، ويعمل كطريق سريع للمعلومات، فعندما تشعر بالتوتر أو القلق، يرسل دماغك إشارات إلى الأمعاء، مما قد يسبب اضطرابات في الجهاز الهضمي، والعكس صحيح، فإن ما يحدث في أمعائك يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على حالتك المزاجية.
اقرأ أيضًا.. 8 مشروبات لتنظيف الأمعاء والتخلص من السموم بفعالية
الميكروبيوم.. جيش من البكتيريا يؤثر على مزاجك
يعيش في أمعائنا تريليونات من البكتيريا، الفيروسات، والفطريات، والتي تشكل معًا ما يسمى الميكروبيوم المعوي، فهذا المجتمع الميكروبي ليس مجرد "ركاب" في أمعائنا، بل هو شريك فاعل في العديد من الوظائف الحيوية، بما في ذلك إنتاج الناقلات العصبية.
على سبيل المثال، يتم إنتاج حوالي 90% من السيروتونين، وهو ناقل عصبي يلعب دورًا حاسمًا في تنظيم المزاج والسعادة، في الأمعاء، فعندما يكون الميكروبيوم غير متوازن (ما يعرف بـ Dysbiosis)؛ أي عندما تتغلب البكتيريا الضارة على النافعة، يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على إنتاج السيروتونين، مما يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
بالإضافة إلى السيروتونين، ينتج الميكروبيوم مواد كيميائية أخرى مثل GABA (الذي يساعد على تهدئة الجهاز العصبي) و Butyrate (وهو حمض دهني قصير السلسلة يقلل من الالتهابات ويغذي الخلايا العصبية).
ويشير الباحثون في المعهد الوطني للصحة (NIH) ومايو كلينك إلى أن الخلل في إنتاج هذه المواد يمكن أن يساهم في ظهور أعراض القلق والاكتئاب.
دراسات تؤكد العلاقة
تزايدت الأدلة العلمية التي تربط بين صحة الأمعاء والصحة العقلية، في إحدى الدراسات التي أجريت على الفئران، وجد الباحثون أن الفئران التي تم تربيتها بدون ميكروبيوم معوي (Germ-free mice) أظهرت سلوكيات تشبه القلق والاكتئاب، وعندما تم زرع ميكروبيوم من فئران صحية فيها، تحسنت سلوكياتها.
وفي دراسة سريرية على البشر، قام باحثون في جامعة ماكماستر الكندية بزرع براز من مرضى الاكتئاب في أمعاء فئران، ولاحظوا أن هذه الفئران بدأت تظهر سلوكيات قلق واكتئاب، فهذه النتائج تشير بقوة إلى أن الميكروبيوم قد يكون له دور مباشر في نقل السمات المرتبطة بالاضطرابات المزاجية.
قد يهمك.. احذر.. 3 علامات صامتة لسرطان الأمعاء قد تهدد حياتك
كيف يمكن تحسين صحة الأمعاء؟
إذا كانت صحة أمعائنا تؤثر على صحتنا العقلية، فماذا يمكننا أن نفعل؟ يركز العلماء على عدة استراتيجيات:
النظام الغذائي:
يعتبر النظام الغذائي الغني بالألياف (مثل الفواكه، الخضروات، والبقوليات) من أهم العوامل لتحسين صحة الأمعاء، والألياف هي غذاء البكتيريا النافعة.
البروبيوتيك والبريبايوتيك:
البروبيوتيك هي بكتيريا نافعة حية (توجد في الزبادي، الكفير، وبعض المكملات الغذائية)، أما البريبايوتيك فهي ألياف غير قابلة للهضم تغذي البكتيريا النافعة (توجد في الثوم، البصل، الموز).
تقليل التوتر:
التوتر المزمن يؤثر سلبًا على الميكروبيوم، فممارسة الرياضة واليوجا يمكن أن يساعدان في تقليل هذا التأثير.
فيديو قد يعجبك: